تنامي ضاهرة "رتق البكارة" في تونس: هل تصنع قطرات من الدم شرف إمرأة ؟ - Tunisia Today - تونس اليوم

Français | عربي

- إعلان -

تنامي ضاهرة "رتق البكارة" في تونس: هل تصنع قطرات من الدم شرف إمرأة ؟



تونس اليوم - مجتمع: في تونس إذا أردت الزواج بعد أن كانت لك علاقات جنسية سابقة، ما عليك فعله هو القيام بعملية سرية لإعادة رتق غشاء البكارة: هذه هي العبارات التي غزت مواقع التواصل الإجتماعي منذ أيام عدّة بعد أن أعلنت قناة فرنسية عن بثها لتحقيق عنوانه "الجنس والحب في بلدان المغرب العربي".

تحقيق بث ليلة أمس الأحد 27 جانفي 2019 على الساعة الحادية عشرة ليلا ليسلط الضوء على عمليات سرية تلجأ لها التونسيات خوفا من ردة فعل الزوج والعائلة لحظة اكتشافهم عدم عذريتها ليلة الزفاف. ولأن العواقب وخيمة في أغلب الأحيان، تلتجئ الكثيرات إلى عملية رتق العذرية علّها تكون لهم مفتاح العودة السريعة إلى حضيرة المجتمع فتسترجع بذلك لقب الفتاة العذراء من جديد.

لقب قد يكلفها حياتها إن فقدته، ففي تونس مازالت العديد من العائلات حتى لا نقول أغلبها تعتبر الفتاة غير العذراء أو صاحبة العلاقات الجنسية قبل الزواج عاهرة وعار قد لا يمحوه إلا الدم في بعض الأحيان.

عملية تكتب بحبر الصمت وبدموع الكذب والتكتم ليبقى عنوانها الأبدي سري للغاية.

عملية مدتها نصف ساعة، ثمنها 750 دينارا للعذرية المطولة و350 دينار للعذرية المكتراة لليلة.

تضع على إثرها الأنثى من جديد قلادة الشرف المزيف، ما يهمها فقط هو ان تمر بسلام إلى الحياة الزوجية وأن لا تجعل زوجها يتفطن إلى أن جواز سفرها مزيف... الأمر الذي يمكن أن يجعلها تطرد في ليلتها الأولى من مملكة مالكها الجديد الذي يمكن أن يهتز عرش رجولته إذا اكتشف عدم عذرية زوجته، غير عالم أن بضع قطرات من الدم لا يمكنها أن تصنع شرفا للمرأة.

موضوع يغلب فيه التقليد في كثير من الأحيان على الوازع الديني والأخلاقي، فيربط بطريقة صارمة بين البكارة والشرف، فكل من فقدت بكارتها حتى ولو كان ذلك بحادث عرضي أو خارج إطار أيّ ممارسة جنسية هي «عاهرة» لا شرف لها، دنّست نفسها وعائلتها في محيطها القريب وفي المجتمع ككل.

في المقابل، فإنّ من حافظت على بكارتها هي أشرف الشريفات؛ تعتزّ بها أسرة العريس قبل أسرتها، حتى ولو كانت بكارة صينية الصنع أو سبق لها أن خاضت مغامرات جنسية كان كل همّها خلالها أن تحافظ على البكارة.

كذب وغدر ونفاق مقابل قطرات من الدم تخشى العروس عدم نزولها ليلة زفافها. ومن هنا نكتشف نفاق الأزواج الشرقيين الذين يفضلون تبادل أدوار تمثل فيها العروس الذئب ويمثل العريس دور المغفل المخدوع بدل ان تصارحه بحقيقة ممارستها للجنس قبل الزواج.

غير مبالين كون العلاقات قبل الزواج واقع يفرض نفسه داخل مجتمعنا، وان موضوع الشرف أكبر من حصره في الحفاظ على البكارة وحدها، بل يتطلب الأمر التربية الحسنة التي يساهم فيها الجميع من أجل ترسيخ مفهوم الأخلاق والشّرف الحقيقي واحترام الآخر والموازنة في ذلك بين الذكور والإناث وليس اتهام المرأة فقط وكأنها المسؤولة الوحيدة عن كل كوارث المجتمع وأعطابه، إذ أن الشرف أوسع من اختزاله في غشاء بكارة أو فحولة مزعومة لرجل.

فالشرف هو أن تكون إنسانا يقدّر معنى الحياة ويحترم ذاته وذوات الآخرين، مع السمو في الأخلاق والحفاظ على القيم النبيلة.

جميع الحقوق محفوضة لـFORZA TUNISIA
يتم التشغيل بواسطة Blogger.